جنة الفردوس

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الموت


    * أسطورة الشفاعة *20

    avatar
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 139
    تاريخ التسجيل : 08/09/2011

    * أسطورة الشفاعة *20 Empty * أسطورة الشفاعة *20

    مُساهمة  Admin السبت أكتوبر 22, 2011 5:38 pm

    ولو كنا نريد أن نجمع مثل جمعهم والعياذ بالله لجمعنا أحسن منهم وهو أن نقول بما أنه قد تيقن أن المؤمن لا يدخل النار فكل ما ورد في حقه أنه سيدخل النار فإنما ظاهره غير مراد وهو من قبيل المجاز وهو عبارة عما يلقونه من تعب الموقف وإنما عبر عنه بالنار مجازاً كما تقول (السفر قطعة من النار) أو كقولك (الأسعار اليوم نار) والحقيقة ليست نار ولكن مثل قولهم إننا فهمنا ذلك ..أو هذا مراد الرسول .. أو جمعاً بين الأدلة ، وهذا وإن كان أقرب إلى الذهن فهو كذب على الرسول (ص) أنه أراد كذا وكذا وفي نفس الوقت تكذيب للآيات التي تقول أنه سيدخل النار ، إنما بخداع ..فيقولون هذا الحديث صدق إنما ظاهره غير مراد يعنون ما نصّ عليه الرسول (ص) لن يكون ، والحقيقة أنه إذا تناقض القولين واستحال الجمع بوجه صحيح طرح الثابت لما هو أثبت منه ، وهذا الحديث الذي ذكرناه وإن كان في مسلم فهو ظني الثبوت ، وإنما رجحناه لأنه موافق للأحاديث والآيات القرآنية التي تقول أن المؤمن لا يدخل النار وإنما يتركون القاعدة لسبب أن شيوخهم قد قالوا ذلك الجمع والشيوخ عندهم أكبر من القواعد ومن كل شيء .. فالحكم لله العليّ الكبير .
    وما أوصلهم إلى ذلك إلا التقليد فقد قلدوا شيوخهم وتركوا القواعد التي يعرفوا من خلالها صحة الحديث ، والسبب أن الشيوخ قد عملوا بخلافها ، واعتبروا قول الشيوخ هو الصواب برغم التناقض الذي فيه ، فهم لم يطلعوا على هذه الأحاديث وإن اطلعوا عليها فهم لم يحاولوا أن يعرضوها على القواعد المرسومة ، ولكنهم قاموا بعملية ترميم لهذه الأحاديث بضرب من التأويل المجحف وكان بإمكانهم أن يقولوا هذه الأحاديث موضوعة وإن صححها الشيخ، فليس الشيخ معصوما حتى يعتمد كل ما قاله ، فكل إنسان يؤخذ من كلامه ويرد إلا النبي (ص) .

    ن- المؤمن يؤاخذ في الدنيا بكل خطيئة :
    وفي هذا الرد نقول إن المؤمن يؤاخذ بما عليه في الدنيا ولا يبقى عليه أي شيء من ذنوبه فلماذا سيدخل النار قال (ص) Sad ما يزال البلاء بالعبد المؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه من خطيئته شيئ) رواه ابن ماجة والحاكم والترمذي وصححه الألباني في السلسلة وعلى هذا الحديث فلا يدخل المؤمن النار لأنه لا يموت وعليه أي خطيئة، وفي الجامع الصغير بتحقيق الألباني Sad إن يوم القيامة على المؤمن كقدر ما بين الظهر إلى العصر ) (رقم8045) وحديث آخر : ( الحمى حظ كل مؤمن من النار ) (رقم 381) وحديث ثالث Sad إن الله إذا أراد بعبده خيرا عجل عقوبته في الدنيا ) ومثل هذا الحديث الذي رواه مسلم وفيه ( إن المؤمن يؤاخذ بكل سيئة حتى إذا بقيت عليه أي سيئة شدد عليه سكرات الموت حتى يلقى الله وليس عليه سيئة) .
    والأحاديث في أن المؤمن يبتلى في الدنيا ليكفر سيئاته كثيرة جداً لمن تتبعها وجمعها ، وفي هذه الأحاديث دلالة إن المؤمن لا يموت وعليه أي خطيئة إذا فلا يدخل النار وقد سقنا من الأدلة ما يشفي ويكفي أن المؤمن لا يدخل النار وأن هذه الأحاديث التي تقول أنه يدخل ويخرج موضوعة لسبب تناقضها مع بعضها وعدم دلالتها ومعارضتها لأحاديث مثلها من حيث السند ولآيات قرآنية وهي أثبت منها، والآيات تدل دلالة قاطعة أن النار مقصورة على الكافرين وإن كل مؤمن لا يدخل النار ويعني كل مؤمن حكم الله له بالإيمان أما أحكامهم فليست حجة على الله ولا علينا (إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه)[يوسف:40]،(والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب)[الرعد:41] .

    س- الـمـيـزان :
    يتمثل هذا الردّ في أن من ثقل ميزانه أفلح ومن خفّ ميزانه خسر ، وفي هذا يبين لنا المولى أن الناس يوم القيامة ينقسمون إلى قسمين لا ثالث لهما: قسم يثقل ميزانه وقسم يخفّ ميزانه، فمن ثقل ميزانه يكون في عيشة راضية ومن خفّ ميزانه فهو الخاسر قال تعالى (فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون * فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون * تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون * ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون * قالوا بنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضالين * ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون * قال اخسئوا فيها ولا تكلمون إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين * فاتخذتموهم سخرياً حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون * إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون)[المؤمنون:101-111] هذا هو يوم القيامة .. من بداية النفخ في الصور يكون الناس فريقين إما ثقيل الميزان وإما خفيف الميزان، وقد قصر الله الفلاح على من ثقل ميزانه بقوله (فأما من ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون) فالمفلحون هم وحدهم الذين ثقلت موازينهم ، وهم عباد الله الذين ذكرهم الله في آخر الآية بقوله (إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون) فهم وحدهم المفلحون والمفلح هو الفائز الذي ثقل ميزانه ، وهم في عيشة راضية وليس من رضا العيش دخول النار ، إذاً فكل الذين ثقلت موازينهم لا يدخلون النار أبداً ، ومن خف ميزانه فهو الخاسر الذي خسر نفسه بما كان يظلم بآيات الله تعالى فهو خالد في نار جهنم ، وقد وصفه الله بالتكذيب بآياته وبالشقاوة والضلال ، فلا يمكن أن يخرج من النار من خفّ ميزانه .
    وبعد ذلك نطرح ذلك السؤال الذي لا يجدوا له جواباً هل هؤلاء الذين دخلوا النار من الذين ثقلت موازينهم أم من الذين خفّت ، فإن قالوا من الذين ثقلت موازينهم قلنا إن من ثقل ميزانه يكون في عيشة راضية وهو المفلح الفائز ، وليس من الفلاح ولا من رضا العيش دخول النار ولو للحظة واحدة، وإن قالوا بل من الذين خفت موازينهم نقول وهو قول الله (فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون * تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون * ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون) وقول الله (وأما من خفت موازينه * فأمه هاوية * وما أدراك ما هيه * نار حامية)[القارعة:8-11] وقول الله (ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون)[الأعراف:9] إن الآيات تبين أن من خفّ ميزانه ليس أمامه إلا النار الحامية خالداً فيها بأنه كان يظلم بآيات الله أي يكذب بها، فأين يذهبون وبم يجيبون ..!؟ .
    وحتى أحاديث الدخول والخروج قد أغفلت مسألة الوزن نهائياً، فالناس بعد الموقف إما إلى الجنة وإما إلى النار ، وبعد ذلك يخرجهم النبي (ص) والملائكة والمؤمنون ويدخلونهم الجنة ..؛ فنجدهم أمام هذه المسألة لا يدرون بماذا يجيبون ؛ حتى قال بعضهم الله أعلم هل هم ممن خفت موازينهم أم ممن ثقلت .. وليس هناك برهان، وقال بعضهم أنه عندما قال سبحانه (ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون) قال الخلود خلودان أبديّ وغير أبديّ ، ولكن هذا القول لا ينفع بشيء لأن من خفّ ميزانه هو المكذب ، بل لا يخفّ إلا ميزان المكذّب، وذهب بعضهم يتقول على الله ويقول الخفّ خفّان خفّ للكفار وخفّ للمسلمين ، وهذا الكلام الباطل الذي لا برهان عليه إنما هو من وحي الشيطان ، وأيضاً فقد قصر الله الفلاح على من ثقل ميزانه أما من خفّ ميزانه أو من تساوى لو وجدت المساواة فإنه لا يفلح ، وربنا يثقل ميزان كل مسلم كما في الحديث (أن أهل الجنة قالوا لله ألم تثقل موازيننا) .. وانظر إلى حديث البطاقة حيث فيه إن لك حسنة وإنك لا تظلم فيخرج له بطاقة فيها لا إله إلا الله فتوضع في كفة والتسعة والتسعون السجل في كفة فتطيش بكل السجلات ، إذاً من وصل ومعه لا إله إلا الله ثقل ميزانه بيقين وهذا الحديث حققه الألباني وقال صحيح بل قال في آخر الحديث (ولا يثقل مع اسم الله شيء) وهذا أقطع دليل على أن كل مسلم يثقل ميزانه ولو لم يكن معه إلا لا إله إلا الله ، وهذا الحديث موافق للأحاديث التي تقول أن الله حرّم النار على من قال لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله وفي رواية لم تطعمه النار وأخرى لم تمسه النار ، إذاً فمن وصل بحسنة واحدة هي لا إله إلا الله ثقل ميزان حسناته ولا يثقل مع اسم الله شيء وهذا مصداقاً لقوله تعالى (من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون * ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار..الخ) [النمل:90،89] وتفسير ذلك أن المشرك الذي نقض الشهادة بالشرك لا يصل بها أبداً ، إذاً فهو لا يصل ولا بحسنة والمسلم يصل بها أو بأكثر منها .. فيثقل ميزانه ويدخل الجنة ولا يدخل النار .
    وفي رواية أن موسى بن عمران عليه السلام قال يا ربّ علمني دعاء أدعوك به قال (قل لا إله إلا الله) قال كل الناس يقولونها قال (يا موسى لو أن السماوات السبع والأرضين السبع وضعت في كفة ولا إله إلا الله وضعت في كفة لرجحت لا إله إلا الله) إذا فمن وصل إلى الله بها فقد وصل بأعلى شعب الإيمان هذا إذا كان صادقاً بها وصدقها هو أن لا يشرك بالله شيئا ، أي لا يعبد الشيطان ولا يتبع هواه ولا يعبد الدينار والدرهم ولا يتخذ أرباباً من دون الله وإنما يصل بها خالصة من الرياء وكلّ النواقض ، وأما المشرك فإنه لا يصل إلى الله ولا بحسنة ينتفع بها، وحتى لو عمل الحسنات فإنه ينتفع بها في الدنيا كما في الحديث (إن الكافر يطعم بكل حسناته في الدنيا حتى إذا بقيت له حسنة خفّف عليه من سكرات الموت وإن المؤمن ليبتلى على كل سيئة في الدنيا حتى إذا بقيت عليه سيئة شدد عليه من سكرات الموت حتى يلقى الله وليس عليه من خطيئته شيء) ومعلوم أن الكافر لو أسلم ومات بعد إسلامه مباشرة ولم يكن معه إلا لا إله إلا الله فإنه يدخل الجنة ولا يدخل النار ويأتي يوم القيامة وليس معه إلا الشهادة ، وانظر إلى الحديث الذي فيه أنه (ص) زار يهودياً قبل الموت فقال له قل لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فنظر إلى أبيه فقال له أطع أبا القاسم ، فتشهد ثم مات ، فخرج الرسول (ص) وهو يقول (الحمد لله الذي أنجى بي نفساً من النار) وتجدهم أمام هذا البرهان القاطع لا يملكون إلا رميك بقلة العلم والفهم .. فإذا وصلوا إلى ذلك فالحمد لله .. فتلك حجة من لا حجة عنده ، والسؤال هنا أأنتم أعلم أم الله ... نبئونا بعلم إن كنتم صادقين ، إن هذا كلام الله ورسوله وهو العليم الخبير .
    وقالوا أن أهل الكبائر توزن حسناتهم وسيئاتهم ، أي توضع الحسنات في كفة والسيئات في كفة مع أن الحسنة تأتي بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف والسيئة بمثلها فقط ، فإن رجح ميزان حسناته دخل الجنة ولم يدخل النار وإن خف ميزان حسناته دخل النار وخرج بالشفاعة ، لكن قد سبق قول الله أن من خفّ ميزانه فإنه مكذّب وأنه مخلد في النار ، وأن الفلاح مقصور على من ثقل ميزانه .
    ثانيا: قائل هذا القول قد عفا أهل الكبائر الذين لهم حسنات من النار على حدّ قوله ما دام أن الحسنات قد رجحت على السيئات ، إذاً فأهل الكبائر ليس كما زعموا تحت المشيئة وإنما يكون تحت المشيئة من خفّ ميزانه وهذا خلاف مذهبهم بل خلاف نصّ الآية القرآنية (ومن خفت موازينه فأولئك ..) إذاً سقط هنا مذهب أهل السنن (أن أهل الكبائر تحت المشيئة) وسقط قولهم (هو إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه) لأنهم إن قالوا أن أهل الكبائر تحت المشيئة أسقطوا الميزان .. وإن قالوا بالميزان أسقطوا المشيئة ، ولا يمكن أن نقول أصحاب الكبائر تحت المشيئة ومن خفّ ميزانه خلد في النار ، هذا تناقض بيّـن واضح لمن له أدنى عقل ومسكة بصيرة .. وتراهم يخبطون ويتخبطون، وهذا من أوضح الردود على أن هذه الأحاديث موضوعة أي التي تقول أن المؤمن يدخل النار ولو للحظة واحدة ومن قال بها فإنما هو مكذّب لما سقناه من أدلة صرح بذلك أم أوّل تأويل بعيد .
    وبعضهم يقول أن الميزان ما هو إلا للكفار .. ولكن صاحب هذا القول نسي أن الكافر لا يمكن أن يثقل ميزانه والمعلوم أن المؤمن يثقل ميزانه وبعضهم قال العكس ما هو إلا للمؤمن ، ولكن هل هناك مؤمن يخفّ ميزانه وهو مكذّب ..، إذاً فالميزان للمؤمن والكافر ولكن من وصل إلى الله تعالى مشركاً فإنه يخفّ ميزانه ، ومن وصل لا يشرك بالله شيئاً ثقل ميزانه وهذا هو القول الفصل ، ومعلوم أن ما يوضع في ميزان حسنات الكافر لا شيء وإنما هباء وسراب لا يمكن أن يزن شيئاً ، وأما المؤمن فإنه لا يوضع في ميزان سيئاته ما يعادل حسنة واحدة ، فكما لا تزن حسنات المشرك شيئاً فكذلك سيئات المؤمن ، إنما إظهار لعدل الله وعلمه وحكمته ... نسأل الله أن يثقل موازيننا ، وأن ينور بصائرنا ولا يجعلنا نتخبط كما يتخبط من يقول بدخول المؤمن النار .. والحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به كثيراً من خلقه وفضلنا عليهم تفضيلاً ...

    ع- الـكـتـب :
    في هذا الدليل نجد أن الناس يوم القيامة يحاسبون فمن أوتي كتابه بيمينه فإنه يحاسب حساباً يسيراً ويكون في عيشة راضية ومن أوتي كتابه بشماله فمآله إلى الحساب الشديد والخلود في النار إذ هو الكافر المكذب الذي ليس بمؤمن وإليك الآيات المبينة قال تعالى (فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة * وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة * فيومئذ وقعت الواقعة * وانشقت السماء فهي يومئذ واهية * والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية * يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية * فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه * إني ظننت أني ملاقٍ حسابيه * فهو في عيشة راضية * في جنة عالية * قطوفها دانية * كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية * وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوتَ كتابيه * ولم أدرِ ما حسابيه * يا ليتها كانت القاضية * ما أغنى عني ماليه * خذوه فغلوه * ثمّ الجحيم صلّوه * ثمّ في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه * إنه كان لا يؤمن بالله العظيم * ولا يحضّ على طعام المسكين)[الحاقة:13-34] .
    لقد بين الله سبحانه وتعالى ما سيكون يوم القيامة منذ أن ينفخ في الصور إلى أن يتسلم كل إنسان كتابه إما باليمين أو بالشمال ، وبعد أن يتسلم المؤمن كتابه بيمينه فهو في عيشة راضية فلا يمكن أن يحصل له بعد تسليم الكتاب أيّ تعب ولا أي ضيق ، وقد أكّد ربنا هذه العيشة الراضية بقوله (في جنة عالية * قطوفها دانية * كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية) هذا هو القسم الأول .
    وأما القسم الثاني (وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه * ولم أدرِ ما حسابيه * يا ليتها كانت القاضية * ما أغنى عني مالية * هلك عني سلطانية) يقول ذلك بعد تسليم الكتاب مباشرة فيقول الله (خذوه فغلوه ثم الجحيم صلّوه * ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه) وهنا يبين الله لماذا أوتي كتابه بشماله وكان عقابه ذلك العقاب بقوله (إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحضّ على طعام المسكين) وهذا هو الذي سبب له ذلك العقاب ، ثم بين سبحانه أن من أوتي كتابه بشماله ليس له أي حميم ، ومعنى ذلك أنه ليس له أيّ أحد يشفع له .
    ولقد آن لنا أن نسأل من قال أن المؤمن يدخل النار ويخرج منها عن هذا الذي دخل النار وخرج منها هل هو ممن استلم كتابه بيمينه أم بشماله ، فإن قال من الذين أوتوا كتبهم بأيمانهم فقد بان والله كذبه وضلاله وقلة حيائه ، وذلك لأن الله أخبرنا وخبره الحقّ أن من أوتي كتابه بيمينه فهو في عيشة راضية ، وليس من رضا العيش دخول النار ولو للحظة ، وإن قال هو ممن يؤتى كتابه بشماله فهذا أيضاً قول باطل وذلك لأن من أوتي كتابه بشماله لا يمكن أن يخرج من النار أبداً والسبب هو ما ذكره ربنا (إنه كان لا يؤمن بالله العظيم) فهذا هو الكافر، وإن قال هو ممن أوتوا كتبهم وراء ظهورهم ، فنقول إن هذا الذي أوتي كتابه وراء ظهره لا بدّ أن يستلمه بشماله ولكن يجعله وراء ظهره وهو نفسه الذي لا يؤمن بالله العظيم قال تعالى (وأما من أوتي كتابه وراء ظهره * فسوف يدعو ثبوراً * ويصلى سعيراً * إنه كان في أهله مسروراً * إنه ظنّ أن لن يحور* بلى إن ربه كان به بصيرا)[الانشقاق:10-15] فهذه الآية مثل السابقة فالذي يدعو بالويل والثبور هو الكافر ، والسعير لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذّب وتولى ، وآخر الآية يبين لماذا دعا بالثبور ودخل السعير فقال تعالى (إنه ظنّ أن لن يحور) أي لن يرجع إلى ربه وهذا هو الكافر عند أهل كل المذاهب ، وإن قالوا أنه ليس له كتاب خالفوا نصّ الآيات القرآنية وذلك أن ظاهر الآيات القرآنية يبين أن الناس فريقان لا ثالث لهما وأن الله لا تخفى عليه منهم خافية ، بل أن آيات الحاقة تبين من بداية النفخ في الصور إلى النهاية لكل الفريقين، وآية الانشقاق يخاطب الله فيها كل إنسان بقوله (يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه * فأما من أوتي كتابه ..) فهذا الخطاب لكل إنسان ، أم يقولون أن هؤلاء الذين يدخلون النار ويخرجون منها على حدّ زعمهم خارجون من بني الإنسان وهذا بعيد جداً، بل قد قال الله تعالى (وكلّ إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً)[الإسراء:13] فلا بدّ من الكتاب لكل إنسان ولا بدّ أن يأخذ الكتاب إما باليمين وإما بالشمال وراء الظهر وانظر إلى سورة الواقعة حيث قال سبحانه (وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين * في سدرٍ مخضود * وطلحٍ منضود * وظل ممدود * وماء مسكوب * وفاكهة كثيرة * لا مقطوعة ولا ممنوعة * ... وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال * في سموم وحميم * وظلٍّ من يحموم * لا بارد ولا كريم * إنهم كانوا قبل ذلك مترفين * وكانوا يصرون على الحنث العظيم)[الواقعة:27-46] وفي آخر السورة (فأما إن كان من المقربين * فروح وريحان وجنة نعيم * وأما إن كان من أصحاب اليمين * فسلام لك من أصحاب اليمين * وأما إن كان من المكذبين الضالين * فنـزلٌ من حميم * وتصلية جحيم * إن هذا لهو حقّ اليقين * فسبح باسم ربك العظيم)[الواقعة:88-96] إن هذا لهو حقّ اليقين فمن لم يكن من أصحاب اليمين فإنما هو من المكذبين الضالين ، وقال تعالى (كل نفس بما كسبت رهينة * إلا أصحاب اليمين * في جنات يتساءلون * عن المجرمين * ما سلككم في سقر * ... وكنا نكذب بيوم الدين)[المدثر:38-46] وقال تعالى (ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة * أولئك أصحاب الميمنة * والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة * عليهم نار مؤصدة)[البلد:17-20] فالمؤمنون هم أصحاب الميمنة والكفار المكذبون هم أصحاب المشأمة ، عليهم نار مؤصدة ، أي مغلقة والعياذ بالله .
    وعلى ذلك حديث النجوى وهو أن الله يدني المؤمن حتى يضع عليه كنفه ويقرره بذنوبه ويقول أتعرف ذنب كذا وكذا ، حتى إذا قرره بذنوبه وظنّ أنه قد هلك قال إني سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ثم يعطى كتاب حسناته ، وأما الكفار والمنافقون فيقول الأشهاد أهؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين ) رواه البخاري ومسلم ، هذا حال المؤمن له المغفرة والرحمة ، فإذا كان هذا العاصي مؤمنا كما تزعمون فسيكون هذا حاله (سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم) وإن كان كافراً فسيعطى كتابه بشماله وهو الكافر ، وبعض الناس قال المؤمن عليه ذنوب باقية إلى يوم القيامة لكننا نسأله أهذا الذي قال له أتعرف ذنب كذا مات تائبا منه أم غير تائب فإن كان تائبا فلا إشكال فقد سترها الله في الدنيا والستر في اللغة هو الغفران قالت امرأة أعرابية لابنتها (اغفري غفيرك) أي استري شعرك، فقد غفر الله له وهو في الدنيا ، وإنما أظهر له ذلك يوم القيامة ليريه مدى نعمه عليه وكم سمحه مقابل توبته .
    وإن قالوا بل هذه المعاصي مات مصراً عليها فيلزمهم أن يقولوا أن من مات على المعاصي ولم يتب منها فإن الله يغفرها له في الآخرة بوعد الله إذاً عليهم أن يتركوا هذه الأحاديث التي تقول بالدخول والخروج لأنها معارضة لهذا الحديث عندهم .
    وقال بعضهم (هذا الحديث إنما يتناول المؤمنين المخلصين وهذه دعوى بغير برهان وخلاف للآيات السابقات ونصّ الحديث نفسه) أيضاً وهذا هو المؤمن الذي عمل الذنوب وليس كما زعموا من المؤمنين المخلصين على حدّ قولهم الباطل .

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 9:20 am